«أَشْياءٌ كَثِيرةٌ تُولَدُ مِنْ غُمُوضٍ.. تَسْتَمِرُ بِمفَاجَأةٍ.. الحَيَاةُ مِسَاحَاتٌ طَلْقٌ لا نِهَايةَ لَهَا.. لا يَحْتَجِزُهَا إطَارٌ، ولَيْسَ لَهَا مَلامِح.. لَوْحَةٌ مِن النُدُوبِ واللُوغَارِيتْمَات تَحْتَمِلُ كُلَّ الحُلُولِ.. نَبْحَثُ فِيْهَا عَنْ طُرُقٍ آمِنَةٍ نَتُوهُ فِي تَفَاصِيلِهَا المُحْتَمَلَة..». لعلّ هذه العبارات الغامضة والجميلة المليئة بالتشويق والإثارة التي زيّنت غلاف رواية «زيف القصاص» للكاتب السعودي حامد أحمد الشريف تُنبئ بما تشي به الحكاية، بل حكايات نسوة باحثات عن الحب والمشاعر الدافئة ولكن مع الرجل الخطأ فكنّ ضحاياه.. أحدهم أو كلهم وقعوا ضحية هؤلاء النسوة.. تبدأ الحكاية كما هي الحياة من جريمة قتل أسقطت الأقنعة.. أظهرت زيفاً يعيشه المجتمع.. وجوه تبتسم في وجهك وتطعنك في ظهرك. ينطلق سرد هذه الرواية الممتع من هذه الحادثة ليسير بك في دهاليز الإثارة والتشويق البوليسي في قالب من الرومانسية اللذيذة حتى يصل بك إلى نهاية يصعب توقّعها ربما كانت مما يميّز هذا الكاتب. اتخذ حامد أحمد الشريف من هذه الرواية منبراً للبوح بالعالم الداخلي للمرأة والرجل على حدٍّ سواء.. أظهر الكثير من العقد النفسية التي نعيشها دون العلم بها. نساؤها نجحن في الوصول إلى سقف الأنوثة.. ربما أخفقن في الوصول لعلاقة رومانسية ناجحة تستحقّ التنازلات التي يقدّمنها. رجالها أيضاً نجحوا في الوصول لأجساد النساء ربما لقلوبهن لكنهم لم يستطيعوا الفكاك من مكرهن. هي رواية شيّقة تقول للقارئ إنّ الحياة لا تستقيم إلا بالتجربة.. بالمحاولة والخطأ إن استطعنا تجاوز صعوباتها القاتلة في كثير من الأحيان. تبصّره بأن الصورة قد تكون مليئة بالتفاصيل إلا أنه لا يرى سوى أجزاءٍ صغيرة جداً منها، يعرفها مسبقاً.. بينما هو بحاجة للوقوف على كل أجزائها إن أراد معرفة الحقيقة.. تلك الحقيقة التي تستحيل معرفتها إن لم تسقط الأقنعة.. ويذهب زيف يسيطر على حياتنا، نعتقده جواز مرورنا لقلوب الآخرين.. زيف يجسّده قصاصنا غير العادل ممن أرادوا إقامة عدل تجاهلناه..