بين الروح والجسد تبني الكاتبة الإماراتية نورة عبد الله الطنيجي عالمها الروائي "حضارة لوكاس"، وذلك حين حوّلت من سيرة ذاتية (متخيلة) لمستشرق فرنسي الأصل وبريطاني المنشأ، كان قد أكمل سنوات عمره في البلاد العربية والخليجية مرتكزاً لعمل إبداعي، يشي لنا بأن روح الإنسان هي شيءٌ أبْعَدُ من المكان وأبْعَدُ من الزمان.
"حضارة لوكاس" رواية تطرق منطقة غير مرئية بين الروح والجسد، تحاكي عالماً من صُنْعها، بتناقضاته وانزياحاته، وتسير بنا إلى عوالم أرقى وأكثر معنى، وخاصة أنه تم تظهيرها بواسطة قوة الخيال الرؤياوية التي تستشفّ ما وراء فضاء الموت باحتمالاته الغيبية اللامتناهية. فبطل الرواية "لوكاس" مؤرخ ومستشرق وفنان تشكيلي، عشق بلد عربي وبنى في أعالي جباله بيته ليكون حضارة للفن والموسيقى والأدب والإبداع، أحب العرب وأحبوه ولكن يد الغدر تمتد إليه من رجلٍ يعمل في بيع العقارات يطمع في امتلاك بيته؛ ماتَ غدراً وأبت روحه أن تُزهق، ماتَ بجسده وظلَّت روحه تحوم في المكان. ظلت روحه المغدورة تود الانتقام، ولذلك عاش في حضارته بروحه لا بجسده.. بقي بالمرصاد لكل شخص يحاول أن يسكن حضارته.. إلا روحاً واحدة أحبتها روحه الشفافة.. روح امرأة بدوية جميلة سكنت حضارته مع عائلتها نتجت عنها مشاعر غريبة بين روحٍ حيَّة بلا جسد وبين جسدٍ حي قد ماتت الروح فيها فتم إيقاظه من جديد. ليتنفس بها هواء العالم الذي خسره. فالحُب أحياناً يتشكل على هيئة انسجامِ أرواحٍ لا غريزة أجساد.
تقول الكاتبة نورة عبد الله الطنيجي عن روايتها "حضارة لوكاس": "أود الاعتراف بأنَّ قلمي المتواضع كتب هذه الرواية التي يملؤها الخيال لكي نستشعر الأرواح التي فقدناها... فنحن نتأمل وجودها بيننا... نتمنى أن نُلاقيها... ونتمنى لو أنها بيننا تسكن أوساط حياتنا.
فهُناك أرواح نود لو أنها تعود...!.. فقدان الأحبة يُفقدنا لذة الحياة أحياناً... ولهذا نفرح عند لُقياهم في المنام... ونستبشر برؤياهم. أما في حالة "حضارة لوكاس" فأنا تعمدت أن أجعل هذه الروح عزيزة؛ ولكن من أهالي منطقة معينة وليست روحاً عزيزة على عائلة واحدة... لكي نرى أبعادَ هذه الروح بين البشر، هي روح مختلفة وليست من بيئتنا فهي روح أصلها غربي ولكنها حظيت بحب العرب، وهذا يعني بأن الروح عندما تُحب فهذا يعني بأنَّ الوجود العرقي قد يختفي في حضور كاريزما الحضور كحضور هذه الروح... روح لوكاس...".