يبدع الشيخ الغزالي رحمه الله في مناقشة الرأي القائل بنسخ آيات الإمهال والحوار بآية السيف، وهو الرأي الذي يستند إليه طيف واسع من الجهاديين اليوم في تبرير مقاتلة طوائف واسعة من الناس.
وفي النصف الثاني من الكتاب يناقش أسباب هزيمة العرب أمام إسرائيل (النكسة) ويعزوها إلى التخلي عن الهوية الإسلامية. ويرى أن العدو انتصر نفسيا عبر نشر إشاعة "الجيش الإسرائيلي الذي لا يقهر"، وأنه كان بالإمكان قهره حتى بعد وصول الإمدادات العسكرية الأميركية قياسا إلى هزيمة أميركا في فيتنام.
أعتقد أنه قياس خاطئ، فالحرب الأميركية على الشيوعية في فيتنام ليست حربا وجودية، أما وصول اليهود إلى القدس فهو هدف وجودي لخطة عمرها آلاف السنين، ويسعى لتطبقيها العالم كله بخضوعه لليهود ماليا وعسكريا وإعلاميا.
الغرب مستعد لإبادة المسلمين بأسلحة الدمار الشامل كما تقول نبوءاته التوراتية، أما صراعه مع الشيوعية فكان صراعا مرحليا على النفوذ لا الوجود.
العرب الذين تخاذلوا في النكسة كانوا مغرورين بأنفسهم كثيرا على عكس ما يقول الشيخ، ووقوعهم في عقدة الانهزام كان نتيجة لعدم إدراكهم لحجمهم وحجم عدوهم، ولاستسهالهم المعركة وانقيادهم للدعاوى القومية التي بثها اليهود في أعماقهم الخاوية.