في روايتها " تاوسرت " تستحضر الكاتبة السعودية " سمية مؤذنة " واحدة من قصص التراث السردي لمصر في تاريخها الفرعوني ، وتفعل ذلك في سياق درامي تعيد من خلاله إلى مسرح الأدب ملامح من قصة الملكة " تاوسرت " والموضوع المنتقى هنا هو الصراع على الحكم بوصفه مداراً للتفاعل بين ثنائيات تمثل التباين بين الخير والشر ، والسيد والعبد ، والحب والكراهية ، والذكورة والأنوثة .. والأهم تقديم الرواية أمثولة رمزية عن الحب في طبيعته التجريدية والحسية في آن .
هي قصة " تاوسرت " ملكة التلال وأميرة أرض الخلود والحياة ، ابنة الملكة المقتولة بسبب الحب الملكة التي عشقت صانع التماثيل دون قيد وبكل حرية حتى أصابت العاشق بلعنة حبها وحوكما بتهمة الخيانة ، أما الابنة " تاوسرت " فقد كانت أميرة بهندام مَلكٍ قادم للحكم ، والتي كان يُنتظر أن تصبح بعد والدها " خادم الإله " ملكة البلاد ، وها هي تعيش بكامل أنوثتها في سردابها المُزين كمدينة خاصة لا يدخل إليها سواها ، ولكن طمع أبناء عمها في السلطة جعلها تهرب في التلال تائهة ومحاربة وعاملة ، تكتب رسائلها وترمي منها نسخاً للريح مختومة باسم " آرجون " حتى وجدها آرجون وليكون لها مع الحب موعداً ..!
ولكن هل ستصيب الابنة " تاوسرت " لعنة العشق كما أصابت أمها الملكة ؟!
ما يميز هذه الرواية الحضور الشعري كمقاطع وكمحكيات كان الغرض منه إقامة روابط سردية وحكائية داخل النص الروائي بين جنسين أدبيين ( الروائي والشعري ) فالروائية استضافت الشعري وسخرته لتحقيق مقاصدها الروائية ، وهذا التلاحم والتآلف بين جنسين أدبيين أضاف ميزة جديدة إلى الرواية العربية الحديثة وخاصة أن الروائية أضافت في نهاية الرواية ( مقتطفات شعرية ) برزت من خلالها كشاعرة ذات ذائقة أدبية عالية المستوى ومبدعة تملك ناصية اللغة إضافة إلى نواصي فنية أخرى .