لم أكن أقرأ بل كنتُ ألهث هذا ما يفعله الكاتب كنوت هامبسون في رواية الجوع يجعلك تلهث كأنك تجري في سباق تسابق بطل الرواية فقط لتمسك به تود لو إنك تهزه وأنت تصرخ توقف ! هل كان هو الجوع فقط أمم إنه الذريعة لكل هذا المس الجنوني والتصرفات الخارجة عن السيطرة كل هذا الهذيان هذا التطرف في الأفكار هذا الغضب هذه السخرية وهذاالكبرياء!
اللعبة في الرواية إن جاز لي تسميتها بذلك كانت تكمن في الحالة النفسية التي خلفها الجوع أو لعله العكس تماما كما بدا لي أحيانا .. هذاالرجل جائع لحد الموت ومغررو أيضا بصفاقة ولا أدري كيف ممكن أن يجتمع الأمرين معا !
أرغب أحيانا في تحليل الأمور وهذه الرواية تتيح لك ذلك فيصبح الأمر متعة خالصة ، خاصة وإنها مزيج من الواقعية والخيال توصلت إلى إنه ربما لأن بطل الرواية كاتب مبتدىء في عالم غير مهتم به وبوجوده وبنوعية مقالاته فإن ذلك يفسر هذه الأنفه والكبرياء والجنون والتظاهر بالقوة ..
ولعل وقوفه بين رئيس التحرير بكل إنصياع تام وجذل كان يوضح شيئا من هذه العجرفة فعلى الرغم من أن رئيسه يطلب منه أن يختار موضوعات لها شعبية عند القراء يجنح هو إلى الفلسفة والمقالات الفكرية ، المقالات التي يندر أن تجد لها قراء وهي بالتأكيد المقالات التي لا تبيع ..
أفكار لا تُشترى تظل محبوسة في الرأس ومع شدة الجوع يتداعى العقل يتشتت يعجز عن التفكير السليم .. وينفجر حين يصبح الكاتب محاصرا بجوعه وقلة حيلته
يغلب على الرواية السرد الذاتي وهي رواية مليئة بالإنفعالات الصاخبة والهذيان والصراع الداخلي بصوت عال يصل لدرجة العنف وإيذاء النفس
التصرفات التي يقوم بها بطل الرواية المحاصر بالهواجس التي يغذيها الجوع إنها أكثر من تلك الحالة تحولت إلى لعبة يستمتع بها وكأنه يستشف علو قدرته على تحمل كل هذا الألم
لعل هذا الألم وما يصحبه من رؤى وتهيؤات هو ماكان يلهمه للكتابة أو ربما هي طريقته في الحياة..
قد يقفز القارىء إلى عدة استنتاجات حين يقرأ هذه الرواية خاصة حي يمر على مشهد الحب الوحيد والتي تظهر فيه براعة الكاتب في الحوار وردود الأفعال
وكيف ربط الجوع بالحب وكيف ممكن أن يكون كلاهما سببا لأقصى حالات النشوة أوأقصى حالات اليأس حقيقة لقد كان مشهدا غريبا صادما ومؤذيا ..
رواية الجوع من الروايات النفسية والذكية الهامة
والتي تستحق حقا أن تعطيها جزءا من وقتك