أين تذهب الروح؟ وهل يُمكن أن تعود أرواح الموتى فتكلّمنا وتخبرنا أسرارها؟ هذا السؤال هو ما تحاول الإجابة عنه رواية «أسرار فتاة قاعة التشريح» للكاتب جاسم محمد عبود وذلك من خلال سرد حالة شخصية استيهامية - نفسية، والإيهام بواقعية الحدث - عودة الروح إلى الحياة - لذلك نجد الكاتب يجاهد في تجليتها وبلورتها، بلورة تجمع بين الواقع والحلم، الهلوسة والحوار الداخلي، الوعي واللاوعي، وتتحقق الواقعة نصّياً بصيغ تعبيرية باطنية تجري على لسان بطل الرواية وهو طالب في كلية الطب، يُكلَّف ضمن منهجه الدراسي بمهمة تشريح جثة فتاة مجهولة كُتب على يدها اسمها "عتاب"، ومنذ أن كشف عن وجهها لم تعد حياته كما كانت، حيث بدأت الفتاة تطارده كل ليلة لا يعرف ماذا تريد منه، فكاد ظهورها المتكرر له أن يوصله إلى حدّ الجنون. فأصبح يسأل نفسه هل ما يتعرض له مجرد هلوسات بصرية وإسقاطات لخياله الموهوم، أم أنه حقيقة وأمر واقع؟ ولكي يحصل على إجابة تبدّد الوهم بالحقيقة يبدأ بطل الرواية البحث عن أسرار فتاة قاعة التشريح في سلسلة من المغامرات التي تفاجئ وتدهش وتحبس الأنفاس.من أجواء الرواية نقرأ:"يقول فولتير: "الإنسان دائماً يبحث عن الأوهام لأنه أجبن من أن يواجه الحقائق"، خلال حياتي التي شارفت على العشرين عاماً، وخاصة في السنوات الأخيرة انسحبت من المجتمع، وأخذت أتصرّف بسلبية كبيرة مع من حولي بشكل غريب، عائلتي الأقرب لي كانت تعاني ما يعاني غيرها من العوائل التي تشكّل النسبة الأكبر من المجتمع تحت ظل الظرف الاقتصادي الصعب وانهيار المنظومة المجتمعية، التي أخذت بالتداعي بشدة وبسرعة، الكل كان تحت الضغط، وأنا فضّلت الانزواء والمراقبة من بعيد، وتركيز كل طاقتي واهتمامي على دراستي، كنت بشكل أو بآخر أنانياً، وأحاول بكل جهدي أن أتجنّب الحقائق والواقع.أيكون تمسّكي بقضية عتاب هو هروبي إلى الأمام من مواجهة الحقائق؟ هل يمكن للأوهام أن تكون بهذه الدرجة من النقاء والصفاء لتحاكي الواقع وتتفوق عليه؟!"