حياكم الله
بحث
ِArabic
كافة التصنيفات
    القائمة Close
    العودة للكل

    ما لا تعرفه عن تدوين التاريخ عند المسلمين

    تدوين التاريخ عند المسلمين

    بداية تدوين التاريخ عند المسلمين قد بدأ باهتمام العرب بالتاريخ بشكل ملحوظ بعد ظهور الإسلام، إلا أن الفترة التي سبقت الإسلام كانت مهمة جدًا ومهدت لتطور علم التاريخ والكتابة التاريخية لاحقًا. تجلى الاهتمام بتدوين التاريخ قبل الإسلام من خلال حبهم وشغفهم بسماع الروايات الشفوية. وعندما بدأت الرغبة في التدوين حينها أراد المسلمون تدوين الفترة التي سبقت الإسلام، اختلطت هذه الكتابات بالأساطير والخرافات، مما دفع البعض إلى الشك في صحة الوثائق الموجودة في كتب التاريخ الإسلامي حول تلك الحقبة.

    تدوين التاريخ عند المسلمين

    ومن الجدير بالذكر أن الأساطير المدونة عن العصر الجاهلي كانت مشوهة ومختلطة بالقصص والأساطير، ويعود السبب في ذلك إلى انتشار الأمية بين العرب قبل الإسلام.

    ورغم عدم وجود كتابة تاريخية بمعناها الحقيقي في تلك الفترة، إلا أن بعض الدراسات تشير إلى أن العرب لم يكونوا بعيدين عن مفهوم التاريخ. فقد كان لبعض الجماعات تاريخها الخاص الذي يمكن أن يكون مدونًا، منقوشًا، أو شفويًا. كما كانت هناك سجلات لبعض الملوك أو القبائل في اليمن وغيرها. كانت تلك مقدمة لموضوعنا اليوم وهو تدوين التاريخ عند المسلمين.تابعوا بقية المقالة.

    تدوين التاريخ عند المسلمين

    وتكملة لما سبق من تدوين التاريخ عند المسلمين فإنه لهذا يمكن تلخيص تاريخ العصر الجاهلي بأربع مصادر رئيسية: الأيام، الأنساب، النقوش، والمدونات من الأمم المجاورة للعرب. 

    أولاً، الأيام هي روايات جماعية عن الصراعات القبلية تُروى على شكل قصص نثرية تتخللها أشعار تضفي عليها حيوية وتأثيرًا كبيرًا.

    ثانياً، الأنساب اعتمد فيها عرب الجاهلية على الرواية الشفوية، وهي سلسلة أسماء تلبي الحاجة الاجتماعية القبلية للتعارف والتمايز وتُنقل للأجيال القادمة.

    ثالثاً، النقوش التي تركتها بعض التجمعات الحضرية المستقرة، مثل نقش امرؤ القيس الذي يرجع إلى سنة 328 م، ونقوش اليمن المكتوبة بالخط المسند على المباني والأسوار، والتي تذكر بعض الأعمال الدينية وأخبار الملوك والشؤون العامة، مما يُظهر شعورًا بأهمية التدوين التاريخي.

    وأخيراً، المدونات من الأمم المجاورة للعرب، وهي مجموعة من الأخبار عن ملوك جنوب الجزيرة جاءت إلى المسلمين من مصادر مسيحية ذات أصل سرياني أو بيزنطي، وكانت لهذه الأمم علاقات مع العرب.

    بالنتيجة، نخلص إلى أن الفترة الجاهلية لم تترك لنا تاريخًا مكتوبًا بالمعنى الحقيقي، بل كانت حالة ثقافية خلت من أي نظرة تاريخية شاملة، وتمثلت بالأيام والأنساب في وسط الجزيرة العربية، والنقوش في أطرافها الجنوبية والشمالية، وأخبار ملوك الحيرة المسيحيين في أديرتهم وكنائسهم.

    العوامل والأسباب التي أدت الى الكتابة التاريخية في العصر الاسلامي

    بدأ الاهتمام بالتاريخ والتدوين التاريخي في العصر الإسلامي نتيجة عدة عوامل وحاجات حياتية وفكرية وروحية متصلة جميعها بالدين الإسلامي. شعر العرب بعد الإسلام بأنهم أصحاب رسالة عظيمة، وأن حياتهم تمر بمنعطف تاريخي هام. بدأت فتوحاتهم الكبرى تجعلهم يدركون أن دورهم التاريخي أصبح خطيراً، مما أثر على اهتمامهم بالتاريخ والدراسات التاريخية وتدوينها. بذلك، أصبح التاريخ من أهم العلوم عند العرب المسلمين.

    وكانت هناك العديد من العوامل والأسباب التي أدت إلى نشوء الكتابة التاريخية ومنها:

    اولا:عوامل لها علاقة بالاسلام مثل:

    يحمل الإسلام في جوهره فكرة تاريخية، إذ تتجذر العقيدة الإسلامية في التاريخ، متصلة بالديانات السماوية الأخرى. يرى الإسلام أن ما يحدث للبشر على الأرض منذ بدء الخليقة إلى يوم القيامة هو قدر مقدر من الله. وقد جعل الإسلام من الإنسانية وحدة واحدة، فهو دين شامل لكافة البشر، ما يجعل جميع الأحداث والأعمال ذات أهمية دينية للإنسان ومصيرية بالنسبة له.

    ظهور الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم يُعتبر فاصلاً تاريخياً بين مرحلتين في مسيرة التاريخ. كونه خاتم الرسل وحامل آخر الرسالات، فإن الرسول الكريم كان يحمل في ذهنه تاريخ العالم بأسره. حفّزت أفكار الرسول المتعلقة بالتاريخ على دراسة وتدوين التاريخ، إذ أصبحت أعمال الأفراد وأحداث الماضي لجميع الشعوب أموراً مهمة من الناحية الدينية.

    اهتم العلماء بأقوال الرسول وأفعاله لتكون مصدراً للتشريع وتنظيم شؤون الحياة. كما أن غزوات الرسول أصبحت مصدر فخر للمسلمين، ترفع من منزلتهم الاجتماعية وتعتبر عنصراً مهماً في تحديد العطاء في الديوان.

    القرآن الكريم قدم رؤية شاملة للتاريخ تتجلى في توالي النبوات، حيث أن الرسالة واحدة ومصدرها واحد، لكن أنبياء عدة بشروا بها. احتاج المسلمون إلى تفسير الآيات القرآنية ومعرفة مناسبات النزول وأسبابها، مما جعل التفسير من أهم العوامل التي أدت إلى التدوين التاريخي. اهتم المفسرون بالبحث عن المعلومات التاريخية لتفسير ما جاء في القرآن الكريم، مما جعل الاهتمام بالمواد التاريخية جزءاً من المعرفة المرتبطة بالقرآن. 

    اهتم المفسرون بالقصص التاريخية والأحداث العالمية والصراعات بين الأمم والشعوب، حتى أصبحت ذات أهمية تاريخية لدى المسلمين وأسهمت في نشأة التدوين التاريخي وتطويره.

    ساهمت عدة عوامل أخرى في نشوء الكتابة التاريخية عند المسلمين، منها تشجيع الخلفاء والحكام على المعرفة التاريخية وتدوينها، بهدف إنشاء سجل مدون لأحداثهم التاريخية على غرار الأمم الأخرى. كما أن نظم الحكومات الإسلامية، وخاصة النظام المالي والقضائي، كانت من العوامل التي أدت إلى قيام حركة تاريخية. النظام المالي، على سبيل المثال، أدى إلى نشوء فرع آخر من التاريخ بسبب تغيير نظام العطاء منذ عهد الخليفة عمر بن الخطاب، حيث أصبح يُعطى حسب الأسبقية في الدخول إلى الإسلام. بالإضافة إلى ذلك، استمرت الحاجة إلى معرفة الأنساب لتحديد العطاء للجند، إذ كان العطاء مرتَّباً حسب القرابة للرسول صلى الله عليه وسلم، ثم الأقرب فالأقرب.

    انتشار معرفة القراءة والكتابة بين المسلمين أدى أيضاً إلى اهتمامهم بكتابة تاريخهم. إلى جانب ذلك، هناك عوامل مساعدة خدمت تدوين التاريخ، من أهمها وضع التقويم الهجري في عهد الخليفة عمر، وظهور بعض العلوم مثل الأدب العربي الذي تمثل في شعر العرب في الجاهلية والإسلام، وكذلك الحركة الشعوبية. كما ساهم ظهور الورق في عملية التدوين التاريخي، حيث نقل التدوين من الذاكرة إلى الشكل المكتوب.

    بداية التدوين التاريخي:

    كانت بداية التدوين التاريخي عند المسلمين خطوة هامة، حيث وضعت الأساس الأول للكتابة التاريخية عندهم، رغم أن أمماً أخرى مثل الفرس والرومان والهنود كانت قد سبقتهم في هذا المجال، مع ظهور مؤرخين دونوا تاريخ شعوبهم.

    العوامل السابقة كان لها أثر كبير في اهتمام المسلمين بعلم التاريخ، مما تُرجم إلى حالة نشطة من التدوين التاريخي في العصر الراشدي. بدأوا بالاهتمام بتسجيل أنساب العرب في عهد الخليفة عمر بن الخطاب، الذي أسس لجنة لتثبيت أنساب العرب بناءً على الأسماء المسجلة في الديوان. ومع ذلك، يرى البعض أن أول تدوين تاريخي فعلي كان في العهد الأموي، وتحديداً في عهد الخليفة معاوية بن أبي سفيان.

    وفي ختام هذا البحث الخاص بتدوين التاريخ عند المسلمين فإنه في نهاية هذا البحث، تم التوصل إلى مجموعة من النتائج التي يمكن تلخيصها على النحو التالي:

    1. كان للاهتمامات الدينية والاجتماعية للمسلمين دور كبير في تأسيس المدرسة التاريخية في المدينة المنورة.

    2. أصبحت المدينة المنورة مركزًا مهمًا لحركة التدوين والكتابة، لأنها كانت دار الهجرة ومقر الدعوة الناشئة ومكان تجمع الصحابة.

    3. كان لوجود عدد كبير من الرواة تأثير واضح في بدء التدوين للدراسات التاريخية في السيرة والمغازي، حيث كانت الحلقات المفتوحة للتعلم متأثرة بدراسة الحديث الشريف.

    4. ساهمت عدة عوامل في بداية الاهتمام بالكتابة التاريخية في العصر الإسلامي، منها أن الإسلام يحمل في جوهره فكرة تاريخية تتعلق بأن ما يجري من أحداث للبشر على الأرض منذ بدء الخليقة حتى يوم القيامة هو قدر من الله، بالإضافة إلى مجيء الرسول ونزول القرآن الكريم.

    جاءت الكتابة التاريخية في السيرة والمغازي على يد التابعين وتابعي التابعين، واستمرت لثلاثة أجيال ممن قاموا بعملية التدوين، وبذلك انتهينا من الحديث عن تدوين التاريخ عند المسلمين.

     اقرأ أيضًا:










    التعليقات
    اترك تعليقاَ اغلاق