إن التعليق على فضائل الإسلام وأباطيل خصومه يتقاضاه التمهيد له أن نقدم بين يديه بكلمة موجزة عن فضل الدين كله أو فضل العقيدة الدينية في أساسها.
إذ لا محل للكلام على فضل دين من الأديان ما لم يكن أمر الدين كله حقيقة مقررة أو ضرورة واضحة، ولا معنى كذلك لأن نقصر الخطاب على المؤمنين المصدقين ولا نشمل به المتشككين والمترددين، بل المنكرين والمعطلين، لأن المتشكك والمعطل أولى بتوجيه هذا الخطاب من المؤمن المصدق، ولا فضل لدين على دين ما لم يكن للدين كله فضل مطلوب تتفاوت فيه العقائد، كما يتفاوت فيه من يعتقدون ومن لا يعتقدون.
هل للدين حقيقة قائمة؟... هل للدين ضرورة لازمة؟... سؤالان متشابهان، بل سؤال واحد في صورتين مختلفتين، ولسنا تزعم أن الصفحات القليلة التي نقدم بها هذا الكتاب كافية للإجابة عن هذا السؤال الذي يجاب عنه كل يوم بما يتسع بعد الجواب الواحد لألف جواب، ولكننا نزعم أن هذه الكلمة الموجزة كافية لموضعها المقدور من هذا الكتاب.
لأنها تكفي لهذا الموضع إذا تركت شكوك المترددين والمنكرين مضعوفة الأثر منقوصة الأساس، وتكفي لموضعها إذا تركت من يشك ويتردد وقد أحس الوهن في بواعث شكه وأسباب تردده، وبحث عن جانب الحقيقة فيها لم يجده، أو بحث عنها فوجدها في الجانب الآخر أقرب إلى العقل والبداهة وأجدر بالإتجاه في وجهتها إلى نهاية المطاف.
ونحن في بداءة الطريق نحب أن نصحب القارئ على بصيرة من الباب الذي نستفتح به طريق البحوث في هذا الكتاب، وهو أن نسأل: إذا كان هذا الأمر غير حسن فما هو الحسن؟ ثم هذا الذي نستحسنه كيف يكون؟ وأي الأمرين إذن هو الأقرب إلى العقل أو الأيسر في التصور؟