هذا الكتاب رواية كتبها الأديب الفرنسي برناردان دي سان بيير (Bernardin de Saint - Pièrre) بعنوان "بول" و"فرجيني" (Paul et Virginie) كتبها في السنة 1787م؛ وقد ترجمها "مصطفى المنفلوطي" بعنوان "الفضيلة".
وزعم المؤلف أنه استمد حوادث قصته من الواقع، وأن أشخاصها عاشوا في جزيرة موريس الأفريقية في المحيط الهندي قرب جزيرة مدغشكر وجزائر سيشل الأفريقية، فقد كان المؤلف في زيارة لهذه الجزيرة عندما رأى كوخين مهدَّمين جذباً نظره فوقف يتأملهما، فقصّ له شيخ في تلك الجزيرة قصَّتهما، وتتلخّص بأنهما كانا لامرأتين فرنسيَّتين تُسمَّى إحداهما "مرغريت"، والثانية "هيلين".
وكان "مرغريت" حبيبةٌ لنبيل فرنسيّ خدعها فعاشرها وهجرها، فاضطرّت لأن تهجر وطنها لستر العار، وجاءت إلى الجزيرة، وولدت طفلاً سمّته "بول" (Paul) على اسم (بولس الرسول)، وعاشت هناك عيشة الصالحات التقيّات؛ أما هيلين فقد وفدت مع زوجها من فرنسا طلباً للرزق، ولكن سرعان ما توفّي زوجها، فجاءت مع خادمتها إلى حيث كانت "مرغريت"، وما لبثت المرأتان أن اتخذتا من الوادي الذي نزلتا فيه مزرعةً اقتسمتاها بينهما، وما لبثت "هيلين" أن ولدت طفلة جميلة سمّتها "فرجيني"؛ وعاشت السيّدتان مع طفليهما حياة سعيدة، وكانتا تعملان في الغزل كما يعمل أهل الجزيرة، وتعيشان كما يعيشون، ونما طفلاهما معاً حتى بلغا سن المراهقة، وقد ربِّيا على حبّ الفضيلة، ومساعدة الضّعيف، وفعْل الخير، وتعلّق كلّ واحد منهما بالآخر؛ وفي أحد الأيام وصلت إلى "هيلين" رسالة من عمّتها في فرنسا تقترح بها أن تعود "هيلين" مع ابنتها إلى فرنسا، أو أن ترسِل ابنتها إلى عمتها الثرية، وأنها عزمت أن توصي بجميع ثروتها لـ"فرجيني"؛ وهنا بدأت مأساة الحبيبين.
بعد ذلك جاء إليهم حاكم الجزيرة، وحاول إقناع "هيلين" بإرسال ابنتها إلى فرنسا لتعيش حياةً هنيئة مترفة بجانب عمتها، وحاولت الأمّ إقناع ابنتها بالسفر دون جدوى لأنّ "فرجيني" كانت متعلَّقة "بول" ولا تطيق مفارقته؛ وبعد مدة من الزمن أرسل الحاكم جنوده في الليل فحملوا "فرجيني" قسراً إلى الشاطئ، وأركبوها سفينةً كانت متجهة نحو فرنسا؛ ومرَّت الأعوام، وأخبار "فرجيني" لا تصل إلى أمها وحبيبها، فعزم "بول" على السفر إلى فرنسا ليعيش خادماً عند أحد أمرائها علّه يختلس فرصةً يرى فيها حبيبته، لكنَّ شيخاً كان صديقاً لهما ثناء عن عزمه.
وجاء يوم رأى فيه أهل الجزيرة سفينة قادمة، فشعر "بول" بعودة حبيبته، وصدق حدْسه، لكنّ السفينة لم تستطع الرسوّ بسبب العواصف الهوجاء، فأرسلت "فرجيني" مع أحد البحّارة رسالة إلى أمّها تنبئها بوصولها، وتخبرها بأن عمتها طردتها لأنها لم تُلبِّ رغبتها في الزواج بأحد النبلاء؛ وشاء القدر ألاّ يجتمع الحبيبان، إذ أشتدّت العاصفة، فارتطمت السفينة بصخرة ضخمة فتحطَّمت، وحاول "بول" إنقاذ حبيبته دون جدوى، وماتت الحبيبة غرقاً، وما لبث الحبيب أن مات على قبرها.
هذا ملخّص سريع للرواية التي لاقت رواجاً قلَّ نظيره في فرنسا، حتى إنّ "نابليون بونابرت" إمبراطور فرنسا، أُعجب بها، فمنح مؤلّفها وسام الشرف، وانتشر اسم "بول" واسم "فرجيني في فرنسا إنتشاراً واسعاً حتى اكتسحا الأسماء، وأصبحا الأكثر شيوعاً في مختلف الطبقات الشعبيّة؛ هذه الرواية استحوذت على قلب "المنفلوطي" لما فيها من تمجيد للفضيلة ودعوة للخير ولمكارم الأخلاق، فضلاً عن أنّها في شخصياتها، وبيئتها، وأحداثها تقترب كثيراً من مجتمع "المنفلوطي" والبيئة القروية التي يحبها، ولهذا نراه قد لخّصها شعراً في قصيدة جعلها في آخر كتابه؛ بعد إنقطاعه عن الشعر فترة طويلة من الزمن، وهذه القصة هي الوحيدة التي لخّصها شعراً، وقد سمّاها "الفضيلة" لأن الرواية تقوم عليها، ولأنه يريد أن يضع الشباب حياتهم على أساسها.