إن من يتأمل في علوم القرآن الكريم يُدرك أن من أعظمها أثرًا وأعلاها قدرًا هو علم القراءات؛ فهذا العلم يُعنيّ بتوثيق طرق أداء القرآن كما نزل على النبي صلى الله عليه وسلم، وقد نقله الصحابة إلى الأمة بكل أمانة، ومن بين تلك الطرق برزت القراءات السبع من طريق الشاطبية للحفظ وتوجيه الاختلافات اللفظية في التلاوة، ولأن القرآن لا يُقرأ كما يُقرأ أي كتاب آخر، بل يؤخذ عن طريق التلقين والسماع.
ما المقصود بالقراءات السبع من طريق الشاطبية؟
إن القراءات هي أدائيات متعددة لنطق القرآن الكريم في كلماته وحروفه وحركاته، ثبتت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- نقلًا متواترًا، وتلقّاها الصحابة، وعلّموها للتابعين، وليست القراءات خلافًا في المعنى أو تشويشًا في النص، بل إنها تنوع بياني يُغني المعنى ويؤكد الإعجاز.
والتعدد في الأحرف أولًا كان تمهيدًا لظهور القراءات، وتجلى سبع قراء اختارهم الإمام ابن مجاهد، وهم الأعلام الذين رسخت قراءاتهم في الأمة قرونًا طويلًا ومنذ القرن الرابع الهجري:
- أبو عمرو البصري.
- عاصم الكوفي.
- الكسائي الكوفي.
- نافع المدني.
- ابن عامر الشامي.
- حمزة الزيات.
- ابن كثير المكي.
منظومة الشاطبية.. شعرٌ عظيم حفظ علم الأمة
كثر قول تعلُم القراءات السبع من طريق الشاطبية دون دراية كافية عنها، وهي “الشاطبية” منظومة شعرية مكوّنة من 1173 بيتًا، نظمها الإمام القاسم بن فيرُّه الشاطبي الأندلسي.
قد سماها أولًا “حرز الأماني ووجه التهاني”، واعتبرت من أعظم ما نُظم في القراءات؛ لأنها جمعت قراءات الأئمة السبعة بطريقة علمية دقيقة، وفي ذات الوقت تُسهل الحفظ والفهم.
تُعد هذه المنظومة مرجعًا أصيلًا ومعتمدًا عند أهل القراءات، وهي التي تُدرَّس في المعاهد والجامعات، ويُقرأ بها القرآن في أنحاء كثيرة من العالم الإسلامي.
فوائد تعلُم القراءات السبع من طريق الشاطبية
البعض قد يظن أن تعلم القراءات السبع من طريق الشاطبية يقتصر على المتخصصين فقط، أو أن فائدته تقتصر على الحفظ أو الأداء الصوتي، ولكن الحقيقة أنه أعظم من ذلك بكثير، لِما يلي:
- زيادة التدبر: لأنك ستكون أكثر فهمًا للفروق بين القراءات، وبالتالي يُعينك على استحضار المعاني المختلفة للآية، مما يفتح إزائك أبواب التدبر.
- رسوخ الحفظ: تعلُّم القراءات يقوّي الذاكرة، ويُرسّخ الحفظ؛ لأن الطالب يُعيد الآية بصيغ متعددة في وقتٍ واحد أو حتى إن كانت أوقات متفرقة.
- الفهم الأوسع: المقصود به الفهم الأوسع للغة العربية؛ لأن القراءات السبع تُبرز وجوه الإعراب والبلاغة والنحو والصرف.
- الاتصال بالسند النبوي: حيث إن حافظ القراءات يكون ضمن سلسلة ذهبية متصلة بالنبي صلى الله عليه وسلم.
- تميّز علمي: إن المتخصص في القراءات يُعدّ من أعلام هذا الفن العظيم، ويُشار إليه بالبنان.
- إثبات إعجاز القرآن: فمع اختلاف القراءات يبقى المعنى الإلهي محفوظًا متماسكًا أكثر من قبل.
مكتبة دار الزمان.. الواجهة المثالية لطالب علوم القراءات
رُغم أننا بتنا في عالم تكثر فيه مصادر العلم، إلا أنها متفاوتة في الدقة والجودة، لذا برزت مكتبة دار الزمان لتكون واحدة من أبرز الدور المتخصصة في توفير الكتب الأصلية والمعتمدة.
لا سيما في علوم القرآن الكريم وقراءاته، ولهذا تكون واجهة مثالية لطلاب علم القراءات السبع؛ لِما تحتويه من ذخائر علمية نادرة ودقيقة، في مقدمتها مصحف دار الصحابة في القراءات السبع المتواترة من طريق الشاطبية.
ذلك الذي يُعد مرجعًا بصريًا وصوتيًا فريدًا لتتبع أوجه القراءات السبعة كما نُقلت بالسند المتصل عن النبي صلى الله عليه وسلم، وبجودة طباعته وتوثيقه المتقن فهذا المصحف أداة تعليمية وتدريبية ممتازة.
نهايةً.. إن القراءات السبع من طريق الشاطبية ليست مجرد علم يُدرس، بل ميراثٌ نبوي، وعطاء إلهي، ودليل على أن الأمة الحالية قد حفظت كتاب الله في الصدور والسطور على مر العصور، ولذلك تُعتبر طريق من طرق العبادة والتقرب إلى الله تعالى، وبابٌ يرفع صاحبه درجات في الدنيا والآخرة، ينال بها منزلة عظيمة وثوابٌ كبير.
اقرأ أيضًا: