لا يختلف اثنان أن الفكاهة ظاهرة إنسانية متعددة الجوانب والأشكال فهي طريقة للكلام تؤثر في المستمع بطريقة مفاجئة، وتجعله يضحك. لذلك يرى فيها الناس بعض السحر ويستنشقون عبرها بعض البهجة والشعور بالمرح. وفي كتابه «فلسفة الفكاهة» يفصح تيري أيغلتون عن أسرار الفكاهة، ويحلل الدعابة، ويبحث في الأسباب الوجيهة والمترابطة حول الضحك. ويفعل ذلك عن طريق تتبُّع نظريات الفكاهة ويتعامل معها كنص يجب دراسته. لذلك هو يعرض علينا مقارنات لكل ما جاء في أعمال خالدة حول (الفكاهة) عند الفلاسفة القدماء والأدباء الكوميديين والفنانين المسرحيين والسينمائيين المعاصرين. يتحدث عن الكوميديا الأبدية والكوميديا الهزلية والكوميديا الاحتفالية والواقعية الكوميدية وعن كيفية تحويل الألم إلى فرح، ويتطرق إلى جوانب أخرى عديدة للفكاهة مثل الضحك المعدي، والإفراط في الضحك، والضحك المتكرر، الضحك الحر، الضحك الجليل، الضحك المتكبر والغاضب، الضحك الساخر، وضحك المتعة الحسية. يتحدث عن أشخاص يصرخون من الضحك، يلهثون من أجل الهواء، يصابون أحياناً بنوبات قلبية وسكتة دماغية وو...
وباختصار أن تضحك هو أن تعيش بعُمُق.
يتألف الكتاب من مقدمة وخمسة فصول جاءت تحت العناوين الآتية: الفصل الأول: عن الضحك، الفصل الثاني: المتهكمون والهازئون، الفصل الثالث: التناقض والتنافر، الفصل الرابع: الفكاهة والتاريخ، الفصل الخامس: مبادئ الفكاهة.
من أجواء الكتاب نقرأ:
"يرى جوناثان بروح نموذجية أن الفكاهة هي تسلية مجانية للعقل تريحنا من سلسلة الأفكار الروتينية، وتخفف من استبدادها، وتمنعنا من أن نصبح عبيداً لها. ويعمم البعض بتهور الكيفية التي تحافظ بها الكوميديا على استبداد النظام أو الموقف بعينه، لأنها تجعله محتملاً وتحث على تعبير الكوميديون الحقيقيون عما يخجل منه الآخرون، مدركين لحقيقة ما يؤلمهم أو يخيفهم، بل ويمكن ادعاء ذلك أيضاً من خلال الدعابة العنصرية والجنسية، والتي تسعى بإعطاء الكلام للقلق العرقي والجنسي للجمهور إلى قول ما لا يمكن قبوله تقليدياً". ويقول تشالنور: "إن جميع الجماهير تتصف بالغباء، ولكن الكوميدي السيئ هو من يتيح لهم معرفة ذلك". ويصرّ على أنه "إذا كان من الممكن قيادتهم، فإن ذلك فقط في الاتجاه الذي يرغبون بالذهاب إليه".