السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ومرحبا بكم في مقالتنا لليوم مقالة جديدة نسرد فيها سيره ذاتيه بالعربي (علي الطنطاوي) وبداية نود القول قبل الدخول في سيره ذاتيه علي الطنطاوي نقول على الشيخ علي الطنطاوي كما لو كانت قبضة تمتد من أرض الشام، متجاوزة نهري النيل والفرات، وتغمرها شمس صحراء العرب، إنه الشيخ علي الطنطاوي، العالم الكبير والأديب الفذ الذي غادرنا مؤخراً، تاركاً خلفه فراغاً عظيماً في قلوبنا وفي مسيرة العلم والثقافة في العالم العربي.هيا بنا نسرد تلك السيره وهي سيره ذاتيه بالعربي (علي الطنطاوي).
سيره ذاتيه بالعربي (علي الطنطاوي)
كان الشيخ الطنطاوي قوة فكرية من أبرز قوى الأمة الإسلامية، حيث كان نبعًا للعلم والأدب في كل مكان. كان قلمه حادًا كالسيف، يسيل كأنه أجمل الأنهار، معبرًا بصوره الرائعة وبيانه المشرق. في وصفه لنفسه، قال: "أنا من جمعية المحاربين القدماء، هل سمعتم بها؟ كان لي سلاح أخوض به المعامع، وأطاعن به الفرسان، وسلاحي قلمي، حملته سنين طوالاً، أقابل به الرجال، وأقاتل به الأبطال، فأعود مرة ومعي غار النصر وأرجع مرة أمسح عن وجهي غبار الفشل. قلم إن أردته هدية نبت من شقه الزهر، وقطر منه العطر وإن أردته رزية حطمت به الصخر، وأحرقت به الحجر، قلم كان عذبا عند قوم، وعذاباً لقوم آخرين".
النشأة ومكان الإقامة
وأيضا من سيره ذاتيه بالعربي (علي الطنطاوي) هي نشأته حيث ولد الشيخ علي الطنطاوي في مدينة دمشق في 23 جمادى الأولى 1327 هـ (12 يونيو 1909 م)، في أسرة علمية ودينية. كان والده الشيخ مصطفى الطنطاوي معروفًا بعلمه، وجده الشيخ محمد الطنطاوي كان عالمًا كبيرًا، بينما كان خاله الأستاذ محب الدين الخطيب، الكاتب الإسلامي الكبير والصحافي المشهور.
مراحل تطور حياة الشيخ علي الطنطاوي
بعد أن فتحت عيناه على قنابل الحلفاء التي دكت عاصمة الأمويين، وتركها فلول الأتراك تغادر المدينة، تحولت ديار الشام إلى مكان مقفر بعد نضوب الطعام، حيث ارتفع سعر أوقية السكر إلى 200 غرام بريال مجيدي، وهو مبلغ لم يكن يكفي قبل الحرب إلا لوليمة كبيرة. وكان أول درس قاس تعلمه وعاشه تفكك الدولة العثمانية وتحول ولاياتها السابقة إلى دويلات، فأصبحت سوريا تتألف من أربع دول: واحدة للدروز والثانية للعلويين، والثالثة في دمشق والرابعة في حلب.
وقتها، كان الشاب علي الطنطاوي لا يزال طالبًا في المدرسة، لكن وعيه كان يتجاوز سنه، حيث رفض المشاركة في مسيرة استقبال المفوض السامي الجديد الجنرال ويفان، الذي خلف الجنرال غورو، وألقى خطبة مليئة بالحماس، مؤكدًا أن الفرنسيين أعداء لدينهم ووطنهم، وأنهم لا ينبغي لهم أن يستقبلوا زعيمهم.
تلك المعركة كانت نقطة تحول في وعي الشاب علي الطنطاوي، حيث استخلص درسًا مهمًا من دماء الشهداء واستقلال الأمة. علمه أن الجماهير التي تفتقر إلى الأسلحة لكنها مليئة بالحماس لا تستطيع صد جيش غازٍ. مع احتلال فرنسا لسوريا، تحول حلم الدولة المستقلة إلى أثر بعد عين. تولى الشيخ بدر الدين الحسيني، شيخ العلماء في سوريا، قيادة ثورة العلماء ضد المحتل. خرجت الثورة من غوطة دمشق، وكانت المظاهرات تخرج من الجامع الأموي بعد صلاة الجمعة، وتصدت لها قوات الاحتلال بالخراطيم المائية ثم بالرصاص، وكان علي الطنطاوي في قلب تلك الأحداث.
علي جمعة وخطبة المقاومة
في أحد الأيام، كان علي على موعد لصلاة الجمعة في مسجد القصب في دمشق، وقال له أصحابه إن المسجد قد احتشد فيه جمهور من الموالين للفرنسيين واستعدوا له منذ أيام، وعندما حاول الاعتذار، قطعوا عليه طريقه وأخبروه أن هذا قرار الكتلة. فذهب معهم وكان له صوت جهور، وعندما وقف على السّدة نادى بصوت مميز: "إليّ إليّ عباد الله"، ثم صار هذا النداء شعارًا له في خطبه، فلما التف حوله الناس بدأ ببيت شوقي:
"وإذا أتونا بالصفوف كثيرة، جئنا بصف واحد لن يكسرا".
وأشار إلى صفوفهم المنتظمة وسط المسجد، وإلى الصف الضئيل لإخوانه، ثم بدأ يتحدث عن مواضيع تتعلق بالدين والاستقلال، فوجدت كلماته ترحيباً وتأييداً في قلوب الحاضرين، بينما أثرت سلباً على الآخرين وأشغلت الناس عنهم. وعندما غادر المسجد، تبعه الجمهور وراءه في مظاهرة لصالح الوطن، لا ضده.
في عام 1928، دعاه خاله محب الدين الخطيب للانضمام إلى مصر، حيث كان قد أسس مجلة "الفتح" قبل ذلك بعامين. سافر علي الطنطاوي إلى مصر للدراسة في كلية دار العلوم، لكن المناخ الثقافي في مصر في ذلك الحين دفعه للانخراط في العمل الصحفي. كانت المعارك الفكرية والنقاشات الأدبية حادة حول مسائل التقدم والنهضة والإسلام والاستعمار وغيرها. وكان من الطبيعي أن يجد علي نفسه مكانًا بين الداعين للتحرر من قيود الاستعمار وأتباعهم. ظل الطنطاوي ثابتًا في موقفه دون تراجع أو شكوى، كان كالفارس الذي لم يتراجع أمام التحديات.
لم يكمل علي دراسته في كلية دار العلوم وعاد إلى دمشق لينضم إلى كلية الحقوق وتخرج منها في عام 1933. عمل بعد ذلك كمدرس في العراق، وعند عودته إلى دمشق، تولى منصب قاضٍ شرعي. تقدم في الوظائف التعليمية والقضائية حتى بلغ مرتبة عالية، ثم عاد ليدرس في العراق في عام 1936 قبل أن يعود مرة أخرى إلى دمشق حيث تقلد منصب القاضي الشرعي في دوما. استمر في التقدم في مجال القضاء حتى وصل إلى أعلى المراتب، وسافر إلى مصر لدراسة أوضاع المحاكم هناك.
ذهابه إلى السعودية
ثم هاجر علي إلى المملكة العربية السعودية في عام 1963 وبدأ العمل في التدريس في كلية اللغة العربية وكلية الشريعة في الرياض، ثم انتقل إلى كلية الشريعة في مكة المكرمة. بعد ذلك، قرر التفرغ للعمل في مجال الإعلام حيث قدم برنامجاً إذاعياً يومياً بعنوان "مسائل ومشكلات"، وكذلك برنامجاً تلفزيونياً أسبوعياً بعنوان "نور وهداية".
الشيخ علي الطنطاوي يُعتبر أحد رموز الدعوة الإسلامية الكبيرة في العالم الإسلامي، وهو شخصية محببة ومعروفة بشهرته التي امتدت على نطاق واسع، حيث حظي بالإعجاب والقبول من جميع الفئات. يتمتع الشيخ علي بأسلوب سهل وجميل وجذاب، مميز وفريد لا يشبهه فيه أحد. يمتاز أسلوبه بالأناقة والسطوع، مع وجود جمال ويسر في عباراته. هذا الأسلوب السهل والمميز ساعده على عرض أصعب القضايا والأفكار بطريقة تجذب المثقفين وتفهمها من قبل العامة، بغض النظر عن مستوى التعليم الذي يتمتع به الفرد.
بفضل سعة أفقه وتجواله الكثير، وحضور ذهنه وذاكرته القوية، اشتهر الشيخ الطنطاوي بأحكامه المتزنة والوسطية، حيث تتجلى فيها صفة الاعتدال، متجنبًا الطرفية المذمومة كالإفراط والتفريط.
وقد كتب في صحف بلده في الشام، حيث احتل مكانة مرموقة فيها، ثم أصبح من كبار الكتاب، حيث كتب في كبريات المجلات الأدبية والإسلامية مثل "الزهراء" و "الفتح" و "الرسالة" و "المسلمون" و "حضارة الإسلام" وغيرها. وكانت له زوايا يومية في عدد من الصحف الدمشقية.
ومن بين المجالات التي امتهنها كتابته كان أدب الأطفال والمشاركة في تأليف الكتب المدرسية، بالإضافة إلى تحقيق بعض كتب التراث. وقد قام بجولات في عالم القصة، حيث كان من أوائل كتابها.
مساجلات الشيخ الطنطاوي كانت تملأ الأوساط الفكرية والأدبية بشكل واسع، حيث كان لا يتوانى عن إصدار رسائله التحذيرية، التي كانت تحذر من خطورة الانخداع بالنحل الباطلة.
ومن سيره ذاتيه بالعربي (علي الطنطاوي) أنه من طريف ما تعرض له في إحدى مساجلاته، حيث روى عن نفسه قصة مثيرة. كانوا يوماً أمام مكتبة "عرفة"، وجاء رجل لم يكونوا يعرفونه فاندس بينهم وحشر نفسه في المحادثة. بدأ الرجل في التحدث بكلام غريب، وسرعان ما أدركوا أنه يدعو إلى نحلة من النحل الباطلة. قاموا بمواجهته برد قاسي وسخرية موجعة، ولكن الشيخ الطنطاوي أدرك الوضع وأشار إليهم بإشارة تعني أنه سيتكفل بالرد عليه. بدأ الشيخ بمحاورته والتفاهم معه حتى استطاع أن يقنعه برأيه، لكنه أدرك أن هذه الدعوة تحتاج إلى حجة قوية. فطلب منه أن يقدم له مبلغاً مالياً، وعندما قدمه له، أخذه بسرعة ووجه له الشكر وانصرف. وبمجرد مغادرته، انفجر الحاضرون بالضحك، وأخذوا يمازحون الشيخ الطنطاوي. وبعد ذلك، كتب الشيخ رسالة تناول فيها الملل والنحل والمذاهب الإلحادية، وأطلق عليها اسم "سيف الإسلام"، ووضع على غلافها "طبعت بنفقة فلان" باسم الرجل الذي قدم له المال. هذا الفعل جعل الرجل يشعر بالحرج ولم يكن قادراً على إنكار الأمر أمام الأدباء الذين كانوا حاضرين في تلك اللحظة بعد ذلك، عُلم أن جماعة الرجل قد طردته بعد ما تم معاقبته على ما فعله.
الشيخ علي الطنطاوي -رحمه الله- كان داعية شجاعاً وثابتاً على مبدأه، لا يلين ولا يهادن، وكان يتحدى الصعاب ويواجه الرجال، يتقدم لمواجهة التحديات كما يدخل عرين الأسود، وربما تعرض نفسه -باختياره- للمخاطر التي تهدد حياته، كل ذلك من أجل إيمانه بفكرته الإسلامية وتضحيته من أجل إعلائها مهما كان الثمن.
ترك الشيخ علي الطنطاوي أثراً كبيراً في نفوس الناس وساهم في حل مشاكلهم عبر كتاباته ورسائله وأحاديثه. لعب دوراً هاماً في صياغة قانون الأحوال الشخصية في سوريا، حيث وضع مشروعاً لهذا القانون على أسس الشريعة الإسلامية. كما وضع قانون الإفتاء في مجلس الإفتاء الأعلى، وتم انتخابه عضواً في المجمع العلمي العراقي في بغداد.
في كل أعماله، كان يسعى إلى الأجر من ربه ويتطلع إلى مغفرته الواسعة. كان يتمنى أن ينال شفاعة المؤمنين ودعاؤهم بعد موته، وأن يكون لهما أجر كبير عند الله.
ذرية الطنطاوي
رزق الشيخ الجليل خمس بنات، وكان فقد إحداهن "بنان" - التي قتلت بطريقة مأساوية في مدينة "آخن" الألمانية مع زوجها عصام العطار - أثرًا كبيرًا على نفسه. ومع ذلك، فقد احتسب الأمر في سبيل الله وتمسك بالصبر والتسليم لقضاء الله. كان لفضيلته أسلوب متميز في التربية ومعاملة البنات.
كان الشيخ يتيمًا وحيدًا، بلا أب ولا أم، ولا دعم مادي أو معنوي، ومع ذلك، أنعم الله عليه بالعقيدة السليمة وقوة الشخصية. كان بلسانه وقلمه سيفًا مسلولًا على أعداء الله ورسوله، يتصدى للباطل ويهزمه، ويحارب الفسوق والانحلال والمجون ويسحقهم جميعًا. كان مدافعًا عن الحق، لا يسكت عن المنكر، ولا يتراجع أمام القوى المتسلطة، وكان جريئًا لا يهاب أحدًا سوى الله، متحدثًا بصراحة ضد العادات والتقاليد التي تتعارض مع الإسلام.
وكان يحب العزلة والانفراد، فأنعم الله عليه بحب العلم وشغف بالقراءة والمطالعة، ومنحه الذكاء والذاكرة القوية وسرعة الاستيعاب. لم يمر وقت طويل حتى امتلك معرفة غزيرة ومتنوعة، فكان أديباً ولغوياً وفقيهاً، وعالمًا في علم النفس، وكان قارئًا نشيطًا في مجالات الطب والفلك. استطاع بعلمه أن يصل إلى عقول الناس بسهولة.
وكان يتمتع بقدرة على التواصل مع الناس بشكل فعّال، حتى من بعيد، عبر وسائل الإعلام المختلفة، مظهرًا روح الفكاهة والأسلوب الجذاب، والقدرة على الإقناع. كان مبدعًا في عروضه ومتجددًا في طريقة التقديم، وتمتلك مرونة في الإفتاء، مما جعله يصل إلى قلوب الكثيرين ويترك أثرًا إيجابيًا فيها.
وكانت تلك سيره ذاتيه بالعربي (علي الطنطاوي).رحم الله الشيخ علي الطنطاوي رحمة واسعة وأدخله فسيح جناته وبعد تلك السيرة وفعلا قد فقدنا أسدا من أسود الإسلام،وإن أمثال الشيخ علي الطنطاوي وغيره يجعلوننا نفكر كثيرا للغاية أنه لا يوجد مستحيل طالما أننا مسلمون وأن علاقتنا بالله قوية وصلتنا به قوية،جعلنا الله منهم.