كثيراً ما تشكل الحياة العملية للكاتب مرجعاً ينهل منه مادة أولية للكتابة ويعيد تشكيلها في النوع الأدبي الذي يريد. لذلك تشكل تجربة التعليم العالم المرجعي الذي ترتكز عليه الكاتبة والمربية خولة ناصر المقاطي في كتابها «شواهد الزمن» الذي ومنذ عتبة الإهداء الأولى تقوم الكاتبة بتحديد المرسل إليهم، ونوع العلاقة بين المُهدِي والمهدَى له: "أهدي هذا الكتاب إلى تلاميذي أو لأقُل أطفالي (...) أملي أن تشِبُّوا وتُقلّبوا هذه الصفحات بين أَكفِّكُم، سأكون حينها بلغُت أَشدِّي وشارفت على الأربعين، وربما أكون اعتزلت الكتابة ومناي ألا أفعل...".
تتميز النصوص في «شواهد الزمن» لخولة ناصر المقاطي بالقدرة على استعادة الأحداث والأمكنة والأزمنة على مدى عصور مختلفة وجعل الحوار يجري عفوياً لنقل أجواء وسلوكات وأحوال ومواقف الشخصيات نقلاً أميناً، وجلها قصص أنبياء وقادة عظماء خلد التاريخ أسماءهم وأفعالهم وأقوالهم، مما يعطي لكل قصة وظيفة محددة وبعداً قيمياً يستفاد منه في تربية الجيل الحاضر وجعلهم يتعايشون بحب وسلام. وقد أفرد الكتاب لكل شخصية وحدة سردية مستقلة، فجاءت القصص منفردة بعضها عن بعض في أسلوبها وطريقة عرضها وشواهدها عبر الزمن ويحضر في هذه القصص قبسات من حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته ورفقائه عليهم السلام والقائد صلاح الدين الأيوبي وهارون الرشيد والخليفة الأندلسي الناصر لدين الله عبد الرحمن بن محمد والمغيرة بن شعبة وأشجُّ بني أمية والإمام حسن البصري وربيعة بن كعب (...) وآخرون.
قدمت الكاتبة خولة ناصر المقاطي لكتابها بمقدمة تشكل رسالة العمل وغايته ومما جاء فيها: "حين خلق الله آدم استخلفه على الأرض ليعمرها بالطاعة فأحسن أبونا الفعل وقام بالمَهمَّة على أكمل وجه، ثم لم يَمت إلا وقد أسَلم الراية لرجال حفظوا عهده، ومشوا بنهجه. وما زالت تلك الرايات تتكاثر وتتعاظم إلى أنْ بلغت نبينا محمد، الذي حملها بشرف وأرسى وتَدها بعناية، وحفظها بأمانة إلى أن وافته المنيّة، فأسلمها لتلامذته الأتقياء الذين حذوا حذوه، وهكذا ما زالت الأيدي المؤمنة تتوالى في رفع الراية، وجعلها تعانق السحاب إلى أن بلغتنا نقية. فنحن نسلٌ لأجداد قادوا الدنيا بمشاعل الخير والتُقى، فلو تبحّرنا في التاريخ لوجدنا لبَني الإسلام في كل خير بذرة، وفي كل مَجدٍ راية، وفي كل عِلم آية، ويعتلي ذلك كله خلقٌ يتسامون به ودين يتمسكون به...".