يتميز التاريخ الإسلامي بأنه يمتد على مدة زمنية طويلة، وخلال هذه المدة مر بالعديد من المحطات التي تتمثل في الأحداث الجسام والإنجازات الحضارية والشخصيات الفذة وغيرها العديد من الجوانب التي شكلت وجه العالم والتاريخ الإسلامي، ولهذا فهو ليس مجرد سرد لقصص ووقائع فحسب بل يتضمن العديد من التجارب الإنسانية والتحولات الفكرية والبصمات العميقة التي تركها في كل أمة، الأمر الذي يجعل القراءة في محطات التاريخ الإسلامي هو بمثابة رحلة معرفية تتمكن من خلالها من فهم الحاضر واستشراف المستقبل.
قراءة في محطات التاريخ الإسلامي
مر العصر الإسلامي بالعديد من المحطات حيث شهد فيها مراجل ازدهار وصعوبات وشدائد ولكن رغم ذلك استطاع أن يدون تاريخ ضخم يشهده العالم أجمع، ليكون بمثابة المرجع العالمي لمحاور الفكر وتحوله ما قبل وبعد الإسلام والتجارب الإنسانية والصعوبات والإنجازات وغيرها من المحاور المختلفة، لذا سوف نتعرف سويًا على أفضل الكتب التي تناولت محطات التاريخ الإسلامي لكل عصر:
- موسوعة التاريخ الاسلامي 6 الإسلام والدول الاسلامية: يتناول هذا الكتاب مرحلة انتشار الإسلام في قلب أفريقيا بفضل مراكز الشمال، والهجرات العربية وغير العربية، والتجار، والطرق الصوفية، بالإضافة إلى المراكز الداخلية، وكذلك أحوال الدول قبل الاستعمار حيث كانت الدولة الاسلامية في افريقيا تشمل حينذاك غانة، مالي، صنغاي، دول الهوسا، برنو، باجرمي، واداي، الفونج، مقديشو، ومملكة الزنج، وصولًا إلى الدول الإسلامية الحالية في افريقيا مثل موريتانيا، السنغال، غامبيا، غينيا، مالي، النيجر، نيجيريا، تشاد، السودان، والصومال.
- التاريخ الاسلامي الوجيز: يمكن لأي كتاب ألا يعبر عن موضوعه فقط، بل عن مرحلة كتابته أيضا، وهذا الكتاب يتناول تاريخ العالم الإسلامي في آسيا وإفريقيا وأوروبا، من جانبه السياسي بین (١ – ١٣٤٢ هـ / ٦٢٢ – ١٩٢٤م).
- التاريخ الاسلامي 5 الدولة العباسية ج1: يتناول هذا الكتاب التاريخ الإسلامي الدولة العباسية ألفه محمود شاكر، ويعد من أفضل وأهم الكتب في التاريخ الإسلامي بشكل عام، حيث يحتوي على مقدمة عن الدولة العباسية ثم مراحل تشويه التاريخ العباسي وأثر الشيعة والحركات الباطنية وسيطرة الجند على مقررات الدولة ومظاهر الدعوة العباسية وخلفاء بني العباس.
- التاريخ الاسلامي 21 المسلمون في الامبراطورية الروس: كتاب التاريخ الإسلامي المسلمون في الإمبراطورية الروسية من تأليف المؤلف محمود شاكر، وهو من أعظم وأهم الكتب التاريخية، حيث يتناول هذا الكتاب العديد من المحاور مثل فترة ما قبل الاستعمار الروسي وبعده، ثم المسلمون تحت نير الاستعمار الروسي والتقسيمات السياسية التي تعرضت لها الدولة حينذاك واقتصاديات الأقاليم الإسلامية في الإمبراطورية الروسي.
دروس من التاريخ الإسلامي في القيادة والإصلاح
كما وضحنا أن التاريخ الإسلامي يعد المرجع العالمي لتعلم كيفية القيادة والإصلاح، وذلك وفقًا للدروس المختلفة التي قدمها لن هذا التاريخ العظيم والتي يمكنك استخلاصها عند القراءة في محطات التاريخ الإسلامي، وفيما يلي أهم هذه الدروس:
- أن الشورى والعدل هم أساس القيادة في أي دولة، وهذا نستفيد منها ونستدل عليه من تجربة الخلفاء الراشدين، حيث كانوا يعتمدون على مبدأ الشورى وحرصهم على تنفيذ العدل بكل صوره دون تمييز، وكان عمر بن الخطاب من الأسماء البارزة في تلك الفترة، فقد عرف عنه قوله: متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً؟.
- قد أظهر حكام الإسلام والقادة مرونة عالية في القدرة على التراجع إذا كانت القرارات خاطئة إذا أتضح الصواب، فكان من أهم سمات القائد هو الاعتراف بالخطأ وتصحيحه، فقد ورد عن سيدنا أبو بكر الصديق قوله: “إن أحسنت فأعينوني، وإن أسأت فقوموني.”
- كما أن رسالة الإسلام كانت ترشدنا دائمًا أن الإصلاح يتم من داخل المجتمع لا عليه، وهذا يتضح بما قام به العديد من القادة أشهرهم عبر بن عبد العزيز الذي حرص على الإصلاح التدريجي بداية من مؤسسات الدولة، وذلك من خلال العودة إلى القيم الإسلامية وترسيخها مرة أخرى وذلك دون التسبب في حدوث أي صدام عنيف، ولهذا يعد رمزًا من رموز الإصلاح في التاريخ الإسلامي.
- عملية التواصل مع الناس ومتابعة أحوالهم والتعرف على احتياجاتهم، فورد عن سيدنا عمر بن الخطاب أنه كان يتفقد أحوال الناس ليلًا ليتأكد من وصول الحقوق لأصحابها.
- يجب أن يحقق الحاكم التوازن بين القوة والرحمة، أن يتسم باللين والحزم، وخير مثال كان سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وموقفه مع خصومه في فتح مكة، فقد قام بإعلان العفو بالرغم من قدرته على الانتقام.
- السعي وراء تمكين الكفاءات لا المقربين، فكانت تتسم القيادة الإسلامية بأنها تقوم بتعيين الأكفأ والمستحق لا الأقرب، وكان خير مثالي سيدنا عمر بن الخطاب الذي ولى أسامة بن زيد الجيش على الرغم من صغر سنه ولكنه كان يمتلك الكفاءة المطلوبة.
كيف نستفيد من التاريخ لبناء الحاضر والمستقبل
لتتمكن من بناء الحاضر والمستقبل لا بُد من الاستفادة من دروس الماضي، ولن تجد أفضل من التاريخ الإسلامي ليكون بمثابة مثال فعلي لك، لذا سوف نتعرف سويًا على كيفية الاستفادة من تاريخ الأمم لبناء الحاضر والمستقبل:
- لا بُد من استخلاص الدروس والعبر من نجاحات وإخفاقات الدول والحركات الإسلامية المختلفة عبر العصور.
- كما يجب الحرص على تعلم القيادة ولن تجد أفضل من فترة الخلفاء الراشدين والمصلحين الذين اتسموا بالعدل والحكمة لكي تتعلم أسس القيادة.
- الحرص على فهم وتعلم الأسباب التي أدت إلى النهوض والانحدار الحضاري لتجنب تكرار الأخطاء التاريخية.
- الحرص على إعادة بناء الوعي بالهوية والإسلامية التي تتعلق بالعدل والعلم والانفتاح على الحضارات.
- كما يجب الاستفادة من التجارب الإصلاحية والتي يكمن دورها في مواجهة الفساد والأنحراف كما فعل عمر بن عبد العزيز.
- كما يجب إعادة إحياء القيم الجوهرية التي يتسم بها الإسلام مثل التسامح والشورى والمساواة وحسن التعامل مع الآخر وغيرها من القيم.
- عبر الرؤية النقدية الواعية يجب ربط الماضي بالحاضر مع تجنب الهجوم أو التمجيد المبالغ فيه.
- لا بد من إعادة تقديم التاريخ للأجيال الجديدة بلغة معاصرة تعزز بداخلهم لغة الفخر والعمل.
- كما يجب الحرص على إعادة تعزيز الثقة بالنفس الحضارية للأمة وذلك من خلال التذكير بمراحل التقدم في التاريخ الإسلامي والتي تناولت مختلف النطاقات.
- الحرص على تجنب الجمود الفكري وذلك من خلال التعامل مع التاريخ كونه مصدر من مصادر التجديد والتكرار.
عند التعمق في قراءة في محطات التاريخ الإسلامي سوف تعرف أن التاريخ الإسلامي مليئ بالعديد من القادة الملهمة التي تركت لنا دروسًا خالدة عن العدل والحكمة والإصلاح الفعلي، لنتمكن من فهمها وتطبيق مبادئها ولا يقتصر دورنا على تمجيدها فحسب.
اقرأ أيضًا: