اثر الاختلاف في القواعد الاصولية.. بين الأصالة والتجديد

في عالم الفقه الإسلامي يُبرز كتاب اثر الاختلاف في القواعد الاصولية للدكتور مصطفى سعيد الخن كأحد أهم المؤلفات التي تحدث الأفكار التقليدية وفتحت للباحثين بابًا جديدًا لفهم الاختلاف الفقهي وتأصيله، لم يتعلق الكتاب فقط بعرض القواعد الأصولية فحسب، بل سعى الدكتور للكشف عن عمق وتأثير هذا الاختلاف في عملية استنباط الأحكام الشرعية، سنُبيّن كيف خاض مسارًا فكريًا لفتح الأفق لفهم أوسع وأعمق للاجتهاد الفقهي في هذا الكتاب في السطور التالية.

اثر الاختلاف في القواعد الاصولية.. بين الأصالة والتجديد

يُعد كتاب اثر الاختلاف في القواعد الاصولية أحد أهم مؤلفات الدكتور مصطفى سعيد الخن، والذي لم يعتبر مجرد باحث أكاديمي، بل هو رائد في مجال الأصول الفقهية.

فلم يُقدم فقط الدكتور في كتابه شرحًا لتاريخ الاختلاف الفقهي، بل أعاد تقييمه في إطار منهجي أصولي جديد، ومن خلال نظرته العلمية المتجددة دمج بينها وبين الأصالة.

فتميّز بالمرونة الفقهية التي تتطلبها الظروف المعاصرة والأصالة التي ترتكز عليها القواعد الفقهية، ولهذا يمثل الكتاب منهجًا فكريًا جديدًا يُبيّن كيفية التعامل مع الاختلاف في الفقه.. على أن جزء من طبيعة الشريعة وليس التقيّد، بل التنوع والمرونة.

فصول الكتاب.. بين الاستنباط الأصولي والاختلاف الفقهي

إن كتاب اثر الاختلاف في القواعد الاصولية تناول موضوعات محورية تمس جوهر الخلاف الفقهي، مع تحليل دقيق لكيفية تأثير تلك القواعد في استنباط الأحكام الشرعية ككل، وفيما يلي أهم الفصول التي تعكس ثراء الكتاب العميق: 

1- التباين في تفسير القواعد

فتح الدكتور مصطفى النقاش حول القواعد الأصولية الأساسية في كتابِه، مثل “دلالة الأمر، النهي”، وقد طرح سؤال حينها.. “كيف تؤثر اختلافات التفسير لتلك القواعد على فهم النصوص الشرعية؟”.

أثناء الإجابة على ما طُرح تناول الدكتور الخن مثالًا واقعيًا من المذاهب الإسلامية المختلفة، ليُبيّن كيف يؤدي تفسير دلالة الأمر إلى اختلافات في الفتاوى، حتى إذا اعتمد الفقهاء جميعهم على ذات النصوص الشرعية.

2- الاختلاف المشروع

في فصل “الاختلاف المشروع” يُقدم الدكتور مصطفى مفهومًا أصوليًا جديدًا يُعيّد تقييم الاختلاف بين العلماء، فيطرح أن هذا الاختلاف يجب أن يكون جزءً من الاجتهاد المقبول الذي يعزز من قدرة الفقه على التكيّف مع المستجدات العصرية.

كما يطرح الدكتور في طيات السطور دليلًا عمليًا على ما سبق من خلال استعراض حالات اجتهاد فقهية جرت بين المذاهب الفقهية الأربعة، وكيف لكل تلك الاجتهادات لم تؤثر بالسلب على وحدة الأمة أو كانت صعبة الفهم والتكيُّف، بل إنها أدت لتنوع صحي عكس ثراء الفقه الإسلامي.

3- الاختلاف المذهبي

يُعرض في الكتاب فصل تعمق الدكتور في البحث فيه عن الاختلافات الفقهية بين المذاهب المختلفة، وعرض دراسة تحليلية لكيفية تفسير المذاهب الكبرى “الأربعة التقليدية” لنفس المسائل الفقهية رغم اتفاقهم في الأسس الأصولية.

وقد سعى الدكتور في ذلك الفصل ليُبيّن كيف يعك هذا الاختلاف ثراء الفقه، وكيف المذاهب الفقهية لم تبتعد عن الحق، بل كل واحدة منها سعت لتوسع في الاجتهاد بناءً على تفسير خاص لها للقواعد الأصولية.

4- الاختلاف في القواعد الأصولية

في هذا الجزء من الكتاب عرَضَ الدكتور الإشكالية الكُبرى التي يواجهها الفقهاء الأصوليون.. كيف للقواعد الأصولية الثابتة ستتعامل مع المتغيرات الحديثة دائمًا؟ 

وقد بيّن كيف يمكن الاختلاف الأصولي في فهم النصوص أن يكون مفتاحًا لحل التحديات المعاصرة، شريطة أن يعتمد الفقهاء على تفسير مرن لهذه القواعد حتى يظل الفقه الإسلامي مواكبًا للتطورات الحديثة، أي إعادة قراءتها بما يتناسب مع العصر.

5- قوة الاختلاف العام 

عرض في فصلٍ منفصل أخير الدكتور الخن كيف أن الاختلاف الفقهي لم يعد عائقًا إزاء وحدة الأمة الإسلامية، بل قوة تُعزز من مناعة الفقه الإسلامي في مواجهة التحديات التي نشهدها في العصر الحديث والقدرة على التكيّف معها.

ويُبين أيضًا كيف أن هذا الاختلاف يُساعد على توسيع نطاق الاجتهاد، ويُشجع على الإبداع الفقهي في شتى المجالات.

نهايةً.. يبقى كتاب اثر الاختلاف في القواعد الاصولية للدكتور مصطفى علامة بارزة في تاريخ الدراسات الأصولية، فإنه دعوة صريحة للتفكير في الاختلاف كأداة حيوية تُثري الفقه الإسلامي وتساعد على استمرار تطوره، دون أن يذكر اختلاف يتنافى مع وحدة الشريعة، بل عكس في تفاصيله حيويتها ومرونتها في التعامل مع تحديات العصر الحديث دائمًا.

اقرأ أيضًا: