إننا في زمن تشابكت فيه الأصوات، وقد تعارضت الرؤى، وباتت القيم تتقاذف في موجات الانبهار الزائف، ولكن مع كل ذلك يظلّ الحجاب ذات أهمية كبيرة، فليس مجرد قطعة قماشة، بل إنه بيان وجود، وعقيدة انتماء، ومنطق فطرة.. اللغة الصامتة التي تنطق بأعلى صوت المرأة بأنها عزيزة، حُرة، راقية، كثير من التفاصيل تتأمل فيها عن الحجاب بين الشرع والفطرة سنغوص فيها بالسطور التالية.
الحجاب بين الشرع والفطرة
حينما يُطرح الحجاب في عصرنا الحالي غلبًا ما يُصور على أنه عبء، أو قيد، ويُفصل عن الجذور الفقهية ومصادره الفطرية، لكن في الحقيقة أن الحجاب بين الشرع والفطرة يتجلى كما نُبين تفصيليًا في السطور الآتية:
1- الحجاب في الشريعة الإسلامية
إن الحجاب في الإسلام فرض على النساء، بنصوص قرآنية قطعية الثبوت والدلالة، ليس فيها اجتهاد، فقط تُشير لوجوب ستر المرأة لسائر جسدها عدا الوجه والكفين بإجماع الأمة الإسلامية.
قال تعالى بسورة النور: “وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ (31)”، وفي سورة الأحزاب قال تعالى: “يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ (59)”.
2- الحجاب والفطرة الإنسانية
الحجاب بين الشرع والفطرة يتجلى فيه أنه ليس مجرد تشريع ديني، بل أيضًا توافق مع الفطرة الإنسانية التي فطر الله الناس عليها، فالفطرة تقتضي بستر العورات، والحفاظ على كرامة الإنسان دون استغلال الجسد بأي شكل.
كما وقد أكد الأزهر الشريف أن الحجاب هو فطرة بشرية، وفرض واجب ثابت بالنصوص القرآنية، ويُساعد المرأة على أن تُعامل باعتبارها عقل وفكر، وليست مجرد جسد وشهوة فقط.
الحجاب.. سياج العفة وحفظ المجتمع
إن الحجاب ما بين الشرع والفطرة لا يُنظر إليه من زاوية المرأة فقط، بل كجزء من نظام أخلاقي متكامل يحمي المجتمع من الانحراف، فكشف الجسد ليس حرية قط، بل دعوة لإفساد العلاقات الإنسانية وجعلها قائمة على الشهوة ليست القيمة.
وفي مجتمعات انفتح فيها كل ولم يعد بها حدود بين العام والخاص، برزت مشاكل التحرش وانعدام الخصوصية، وانهيار مؤسسة الأسرة، بينما يُقدِّم ديننا الحنيف بديلًا راقيًا حافظًا.. الحجاب، حيث تحترم فيه المرأة لشخصها وليس لشكلها.
الحجاب في الشرع والفطرة.. رؤية علمية وفطرية متكاملة
من أبرز الكتب التي تناولت موضوع الحجاب بين الشرع والفطرة هو كتاب الشيخ عبد العزيز بن مرزوق الطريفي، والذي طرح فيه معالجة شمولية قلّ نظيرها فيما كُتِبَ عن الحجاب.
فلا يُجزئ الشيخ النصوص الشرعية، ولا ينتقي منها ما يوافق المزاج العام، بل يقرأها بالكامل ضمن السياق الكلي للخطاب الإلهي.
لهذا يرى أن الحجاب ليس حكمًا ثانويًا أو فقهيًا خلافيًا، بل عبادة جليلة فُرضت بأدلة قطعية من الكتاب والسنة، ولا تقبل التأويل المفرط أو التنازل التدريجي.
ولم يكتفِ بالاحتجاج بالنصوص، بل انتقل في السطور ببراعة للاحتكام للفطرة البشرية، مُسلطًا الضوء على أنه ليس قيدًا على حرية المرأة، بل جزء من كيانها النفسي، وشعورها الداخلي بالحياء والخصوصية والكرامة.
وركّز الشيخ على أن الحياء لا يُغرس من الخارج، بل يوقظ من الداخل، والمرأة لا تُجبر على الحجاب بقدر ما توقظ إلى حقيقته في نفسها.
نهايةً.. إن الحجاب في الدين الإسلامي هو تشريع رباني يتناغم مع فطرة الإنسان، ويعزز من كرامة المرأة، ويبني مجتمع أخلاقي متماسك، ليس فقط فرض ديني، بل حماية للمرأة، وعبادة وطاعة لله، ويُظهر فيه وفي تفاصيله خضوع المرأة لأوامر الله ويعزز من هويتها الإسلامية، لذا فلتكونِ ممن نالوا ثوابٌ عظيم عند الله بالاهتمام بالحجاب الساتر الكامل.
اقرأ أيضًا: